top of page

عائلة سرسق الاقطاعية وبيع اراضي فلسطين

تاريخ التحديث: ٩ أغسطس ٢٠٢٣

عائلة سرسق الاقطاعية وبيع اراضي فلسطين


تناقل بعض الاصدقاء مجددا وفي الذكرى الثالثة لتفجير مرفأ بيروت عبر مواقعهم على وسائل التواصل الاجتماعي المقال الذي نشرته عن هذه عائلة سرسق على إثر انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 ومقتل الليدي ايفون سرسق في التفجير، عن عمر يناهز ٩٨ عام


فكانت فرصة لي أن أكتب عن هذه العائلة اللبنانية الاقطاعية بالذات "عائلة سرسق أو السراسقة كما كانوا يعرفوا، ونشاطهم في شراء أراضي في فلسطين في نهاية القرن ١٨ وبدايات القرن ٢٠ وبيعها للمشروع الصهيوني وغيرهم من الاقطاعيين العرب اللبنانيين والسوريين والمصريين


ونقلت بعض المعلومات عن موت هذه العجوز الاقطاعية ايفون سرسق وسيرتها الذاتية من مواقع اخبارية اخرى، وقد كنت قد كتبت عن هذه العائلة من قبل في كتابي موقف الولاة والعلماء والاعيان والاقطاعيين من المشروع الصهيوني 1856-1914 ونشر في عام 2012 ويبدو انه في ان مقتل الليدي ايفون في تفجير بيروت اثار حفيظة الصحف ووكالات الانباء ومواقع إخبارية عن سيرتها وحياتها وتنقلها للعيش في فترات مبكره خارج لبنان ولم يتطرقوا في الاخبار لسيرة عائلتها الاقطاعية وبيع أراضي في فلسطين فقط تم الإشارة الا انها طالبت الحكومة الإسرائيلية قبل عدة سنوات بإعادة أراضيهم في فلسطين الى ملكيتها .

وبذلك اشرت الى ما تضمن كتابي عن موقف الاقطاعيين (عائلة سرسق) وكشفت بذلك عن الصفقات التي تبادلوها مع المرابين والسماسرة اليهود مع وجود ملف عن اوراق وعقود البيع لأراضي في فلسطين كانت اشترتها عائلة سرسق التي تنحدر من أسرة يونانية الاصل لبنانية مسيحية الديانة ارثوذكسية المذهب والتي عملت بالتجارة والاقتصاد والخدمات الناشئة وتوسعت في بلاد الشام وفي فلسطين، وكنت قد اشرت في تعليقي على ما نشره بعض الصحفيين!! الذين سألوني عن حجم الملكية الاقطاعية لعائلة سرسق وصححت بعض الارقام وقلت انها ليست دقيقة وأن طبقة الاقطاعيين في الألوية الفلسطينية تمتعت بمقدرات اقتصادية كبيرة. وكانت ملكية السراسقة ثاني اكبر ملكية في فلسطين بعد ملكية السلطان عبد الحميد الثاني الذي حكم بلاد الشام والعراق عام ١٨٧٦ وعزل عام ١٩٠٩ م والتي عرفت باسم الجفتلك السلطاني وامتدت نحو ٢ ونص مليون دونم ، تليها ملكية الاخوة سرسق يوسف وجرجي ونخله والياس ولطف الله وخليل وأبنائهم وأحفادهم وانتشرت في العديد من المواقع لتمتد الى ما يقرب من ٨٠٠ الف دونم وحسب الوثائق العثمانية المنشورة أن الاخوة سرسق دخلوا في مزايدة لشراء أراضي في فلسطين عام ١٨٦٩ حيث رست عليهم المزايدة في العاصمة اسطنبول بشراء ٢٣٠ الف دونم في صفقة واحدة تركزت في فلسطين أراضي سهل مرج بني عامر وأطراف السهل الساحلي والشفا المطل عليه واشتملت على ٢٢ قرية وبعض المصادر ترفعها الى ٢٨ الى جانب مدينة الناصرة مقابل ١٧٠٠ ليرة عثمانية أي ما يوازي ٨ قروش للدونم وبدأ بعدها بيع قرى المرج إلياس سرسق عشرة آلاف دونم حول قرية الفولة، الواقعة عند سفح جبال الناصرة ، للصندوق القومي اليهودي. ورفض الفلاحون الفلسطينيون مغادرة الأرض، وحارب قائمقام (حاكم منطقة الناصرة) شكري العسلي لإلغاء عملية البيع، ورفضوا إنهاء الصفقة وهناك أكثر من جدول عن أسماء القرى وموقعها وتبعيتها في كتابي موقف الولاة والعلماء والاعيان والاقطاعيين ١٨٥٦-١٩١٤ يوضح عدد الصفقات التي تم بيعها ونقلها عبر سماسرة للمشروع الصهيوني


وقد ذكرت ايضا ان هذه العائلة كانت تملك مقدرات مالية كبيرة في لبنان ومغازل الحرير ومصارف تجارية نشطة في عدد من المدن الشامية خصوصا المدن الساحلية وكانت لهم علاقات تجارية مع القنصليات الاجنبية القائمة في بيروت والقدس والتي سهلت لهم إبرام الصفقات عبرهم كما ساعد


اتقانهم ومعرفتهم باللغات الاجنبية انه تم اختيار جرجي بك سرسق جد المتوفية ايفون سرسق ترجماناً لمرافقة القيصر الألماني في رحلته الى القدس لكونه قنصلا فخرياً لدولة المانيا الفدرالية في بيروت وقد ظهرت قصص كثيرة على خلفية تفجير مرفأ بيروت في آب (أغسطس) عام ٢٠٢٠ ، سواء ما يتعلق منها بأسباب الانفجار وتبعاته، أو مآسي الضحايا، ومن تلك القصص حكاية / إيڤون كوكرين سرسق، ذات الـ 98 عاما، التي قضت جراء إصابتها في قصرها القريب من المرفأ، والذي تضرر من شدة التفجير قصر سرسق التاريخي الأثري


اتابع تسريب الاراضي على يد الاقطاعيين من العائلات اللبنانية والسورية أمثال ال تيان وكسار وخوري وقباني وانجال عبد الرحمن اليوسف من أعيان دمشق ومرديني والجزائري وكتبت فصل كامل عن الأخوة السراسقة ومع نهاية الحرب العالمية الاولى عام ١٩١٨ شرع الاخوة السراسقة بتكليف مجموعات من فرق الهندسة لمسح اراضيهم تمهيدا لبيعها صفقة واحدة إلا ان الامور سارت باتجاه إبرام مجموعة صفقات وصلت في مجملها الى نحو (٢٢) صفقة واستحوذت على ما يقرب من ثلاثمائة وأحدي عشر ألف دونم مقابل ٨٠٠ ألف جنيه استرليني وفي عشرينات القرن العشرين تنازل الاخوة السراسقة عن مئات الألاف من الدونمات في صفقات متتالية في الاراضي الممتدة بين عكا وحيفا والبالغة ٩٠ ألف دونم. وفي عام ١٩٣٦ أسدل الستار على ملكية ال سرسق التي نقلوا أخصب الاراضي الى قبضة المشروع الصهيوني ورفع من كمية الاراضي التي استولى عليها الصهاينة وكانوا ينقلون سماسرتها الذين يتعاونون معهم ومع الصهاينة بالطائرة من بيروت الى يافا لتوقيع الصفقات وكان أشهر السماسرة الذين اشتغلوا على عقود البيع والتسريب. السمسار السوري الشهير ب سليمان بيك ناصيف الذي توسط في بيع أراضي الجالود وأشرفية بيسان وربح في تلك الصفقات ( ٥٤) الف جنية وكان من أهم السماسرة الذين عملوا مع السراسقة وال تيان وغيرهم ، أحد موظفي القنصلية الانجليزية واسمه (بيتر شولي) ترك عمل القنصلية وعمل سمسار للمشروع الصهيوني وسار في ركب الغالبية العظمى من الملاكين الاقطاعيين الوافدين

وهكذا نلخص جزء بسيط من حجم التآمر الذي تعرضت له فلسطين منذ عقود مضت، حتى وصلنا إلى الوضع الحالي، والذي أسهمت فيه شخصيات معروفة، وأخرى خفية، ربما مارست دورا أكبر في دعم الصهيونية، من بينهم الليدي ايڤون كوكرين سرسق، كُشف بعد وفاتها بـ 27 يوما من تفجير مرفأ بيروت، حجم الممتلكات التي باعتها أسرتها للمستوطنين اليهود، وكان لها دور فاعل في تاريخ الحركة الصهيونية في فلسطين واغلب المعلومات التي تضمنت في التقارير مأخوذه من كتابي موقف الولاة والعلماء والاعيان والاقطاعيين من المشروع الصهيوني.


د. نائلة الوعري

أغسطس 2023



Comments


bottom of page