موقف الولاة العلماء والاعيان والقطاعيين في فلسطين من المشروع الصهيوني 1856-1914… الدكتورة نائلة الوعري تكشف معلومات .. هامة عن قضية ( بيع الاراضي الفلسطينية ) …عفيف عثمان الكتاب في الأصل رسالة دكتوراه في التاريخ الحديث أنجزتها الباحثة البحرينية نائلة الوعري في لبنان باشراف حسان حلاق، متابعةً عمله افي الماجستير عن “دور القنصليات الأجنبية هجرة واستيطان اليهود في فلسطين 1840 1914”]أنجزت الماجستير في سنة [. وتستند الدراسة أساساً على سجلات المحاكمات لشرعية ودفاتر الأوقاف والطابو العثمانية والمخطوطات والأوراقا لشخصية والمراسلات والصحف وتقارير القناصل والمسوحات الجغرافية والكتب التي أرَّخت للفترةم وضوع الدرس .نقطة البدء هي سنة1856 ، عهد السلطان ا لعثماني عبد المجيد) 1839 1861 ( الذي أطلق برنامجاً إصلاحيا ًواسعاً كان له أثره في ولايات السلطنة، ولا سيّم المقاطعات الجنوبية الغربية من بلاد الشام، حيث ألوية فلسطين الثلاثة: عكا ونابلس والقدس. وذلك فيما خصوصا قانون تملّك الأجانب، وما أحدثه من تحولات اجتماعية والسياسية ومن ضمنها المشروع الصهيوني. تدد الباحثة لغير المتخصصين، المصطلحات ت لرئيسية المستخدمة في دراستها، فتُعرّف: أ – الولاة ،ويُطلق على الهيئات الحاكمة المدنية والعسكريين ابتداءً من السدة السلطانية في استانبول مروراً بولاة دمشق وبيروت ؛ب – العلماء، والمقصود أصحاب العلوم الشرعية من الفقهاء والقضاة والمدرّسين وعمدة الأشراف ونقبائهم ،الذين عملوا في سلك القضاء الشرعي والإفتاء والتدريس والإمامة والخطابة وإدارة صناديق الأيتام والأوقاف وغيرها؛ ج- الأعيان، أي الزعماء المحليين وهم الشيوخ والوجهاء والنظّار والعمداء؛ د الإقطاعيون ،وهذا المصطلح يدل على العسكريين من الفرسان ممّن استحقوا إقطاعاً فيم قابل الخدمات العسكرية التي يؤدونها للدولة في زمن الحرب. وتضيف )الكاتبة(إليهم التجار والسماسرة الذين جمعوا الأموال واشتروا لأراضي الشاسعة. وكذلك تُحدد الوعري لبحثها نطاقه الجغرافي، وهو “يمتد على هيئة إسفينو خنجر يغوص حده فيجوف الصحراوية بين هضبة سيناء غرباً ووادي عربة شرقاً ورأس خليج العقبة جنوباً، ويرتفع مقبضه شمالاً إلى منابع نهر الأردن المنحدرة من قمة جبل الشيخ، وذلك بين البحر الميت ومجرى نهر الأردن شرقاً وشاطىء البحر المتوسط غرباً”، وتشير إلى أن الألوية الثلاثة المشمولة بالدرس شكلت نسبة كبيرة من أراضي فلسطين التي رسمها في سنة 1920 ، الاستعماران الفرنسي والبريطاني والحركة الصهيونية .بدايات المشروع الصهيوني وتجذّره. في الفصل الأول ترصد الباحثة “الجذور الأول ىللمشروع الصهيوني) 1831 1806 (” فترى بدايته مع قدوم الحملة المصرية إلى بلاد الشام ،وفي ظل حكم محمد علي باشا لها ) 1831 1840 (الذي ساوى بين الطوائف الإسلامية وغير الإسلامية)المستأمنين(، فقدم امتيازات لى القوى الأجنبية مثل شراء المسكن والأراضي وإنشاء بعثات التبشير. واستغلّت الطوائف اليهودية المحلية الأوضاع المستجدة لتحسين أحوالها ومحاولة شراء أراض، ثمت جذَّر المشروع الصهيوني مع عودة الحكم العثماني إلى فلسطين ) 1840 1856 (،ومراعاته الدول الكبرى ،وخصوصاً بريطانيا التي أخذت على عاتقها “حق حماية اليهود” إلى جانب الطائفة البروتستانتية. وقد أرسلت بريطانيا إلى فلسطين لجنة فنية بقيت فيها ستة أعوام مسحت في خلالها الأراضي من الشمال إلى الجنوب. وبدأ الترويج الغربي لفكرة “إعادة اليهود” فيم شاريع استيطان، وكا ن لمنعطف في سنة 1897حين عُقد أول مؤتمر صهيوني أقر تشجيع الاستعمار في فلسطين، وهجرة اليهود إليها، والسعي للحصول على اعتراف دولي بشرعية لاستيطان فيها. فانطلقت حملة شراء الأراضي بقوة، والتي كانت قد بدأت في إبّان. الحكم المصري مستفيدة من” الأذونات” ]إذ في المبدأ مُنع بيع الأرض لغير المسلمين[،ومن أنشطة القنصليات الأجنبية، ومن عمليات ا لسمسرة، ومن المتعاونين، ومن خلال التحايل على القوانين من قبيل “تسجيل الأراضي والعقارات في وثائق خاصة خارج إطار الدوائر الرسمية.” تورد الوعري أهم المشاريع الصهيونية الكبرى) 1840 1914 ( مثل :مدرسة نيتر الزراعية في قرية يازور العربية قرب يافا بموافقة عثمانية؛ مستعمرة بتاح تكفا على أراضي قرية ملبس قضاء يافا ) 1878 (؛ مستعمرة ريشون ليتسيون على أراضٍ من قرية عيون قارة) 1882 (؛ مستعمرة زخرون يعقوب على أراض قريةزمارين ) 1882 (؛ مستعمرة مشكانوت شأناليم على أراضٍ من قرية عين كارم. وحتى نهاية العهد العثماني توصل اليهود الى إقامةن حو 24 حياً استعمارياً. في غربي القدس. وبلغ عدد المستعمرات اليهودية في فلسطين حتى سنة 1914نحو 47 مستعمرة منتشرة بين الجليل ومرج ابن عامر والسهل الساحلي. وتشير الوعري الى أن الأراضي ا لمنتقلة إلى اليهود حتى سن كانت في معظمها من الدولة والملاّك الكبار غير الفلسطينيين، إذ على الرغم من الإغراءات المادية، فإن عدداً قليلاً فقط من الفلاحين والإقطاعيين الفلسطينيين باع أراضيه.وبصورة عامة، فإن الموقف الرسمي المصري من بيع الأراضي وبناء العقارات لرعايا الدول الأجنبية راوح ما بين التساهل والتشدد أحياناً بحجةا لقواعد الشرعية. وورث ولاة السلطنة في فلسطين أيضاً هذا الموقف، وإن حاولوا التشدد في القدس والمناطق التابعة لها، وحددوا أسسا لبيع والشراء حتى للرعايا العثمانيين، بينما اتسما لموقف الشعبي بالرفض والمقاومة والاحتجاج على التدخل الغربي في شؤونهم. وهذا الوضع لم يمنع وجود متعاملين وسماسرة “من بعض أبناء الطوائف المسيحية واليهودية المحلية المتمتعين بالجنس العثمانية، وبعض أعيان المواقع المأهولة الفلسطينية البدوية والريفية والمدنية لذين انخرطوا في سياسة النفوذ والحماية والربح المادي، مثل متسلم القدس أحمد دزدار، وكان كرمه الشهير أول قطعة أرض تم شراؤها في فلسطين عامة، والقدس خاصة، لإقامة حي استيطاني بموجب فرمان. سلطاني في سنة 1854 . موقف الولاة: تعرض الباحثة في الفصل الثاني “موقف السدة السلطانية )الولاة( من المشروع الصهيوني”، ولا يبرز موقف حاسم وقاطع منه، إذ ارتبط الأمر دائماً بحركة التاريخ العثماني وتطوراته وموقع الولاة في السلَّم الإداري. وفي إبان فترة الدراسة ) 1856 – 1914 ( التي توالى فيها على الحكم خمسة سلاطين، راوح الموقف العام ما بين رفض المشروع الصهيوني ومقاومته وبين مهادنته. ففي إطار المواجهة صدر في سنة 1858 أول قانون مدني عثماني يُعالج شؤون الأراضي في الدولة العثمانية حيازة وتصرفاً واستغلالاً، ولم يُفَعَّل في الأراضي الفلسطينية إلا في سنة 1869 ، وذلك بعد صدور قانون تملّك الأجانب بعامين، بهدف ضبط وتنظيم انتقال الأراضي، وأُقرت مجموعة إجراءات للحد من الهجرة والتملك. وفي سنة 1874 أُلحقت القدس بالعاصمة استانبول من أجل الإشراف على ما يجري فيها. وكان السلطان عبد الحميد الثاني متشدداً في مواجهة محاولات شراء الأراضي، ورفض المشاريع الاستيطانية التي قدمها المسؤولون الأوروبيون له. لتوطين اليهود في فلسطين، كما أن السدة السلطانية ساعدت الأهالي على البقاء في أرضهم والمواجهة. وحين كانت السلطنة تراوغ وتهادن الدول الأجنبية، فقد تم ذلك وفقاً لأوضاعها الداخلية وأزماتها. والنتيجة كانت مزيداً من المهاجرين والأذونات الخاصة بشراء الأراضي، وكان للصدر الأعظم ]رئيس الوزراء[ مهمة الإشراف على هذه الشؤون. وفي المحصلة لم يختلف موقفه عن الإرادة السلطانية إلاّ حين تم خلع كتب بالعربية قراءات 189 السلطان عبد الحميد الثاني ) 1876 -1909)وتسلُّم “الاتحاد والترقي” الحكومة، ثم انحيازه إلى المشروع الصهيوني. وفي تقويم عام تعزو الباحثة فشل القرارات والفرمانات العثمانية في وقف الهجرة والاستيطان إلى الأسباب التالية: (مداخلات السفراء الأجانب في الأستانة والقناصل الأجانب في القدس؛ فساد الجهاز الإداري في متصرفية القدس؛ تملّص اليهود المستمر من القيود والتحايل على القوانين من خلال الاستعانة بالحماية الأجنبية. وكان للولاة والحكّام دور تنفيذي مباشر وفاعل على الأرض، ترصده الباحثة وتحدده تبعاً لمصادرها التاريخية: فولاة صيدا ]المدينة الرابعة في قائمة ولايات بلاد الشام إلى جانب الشام وحلب والقدس الشريف[ كانوا حازمين ومتشددين في مسائل الهجرة والاستيطان وشراء الأراضي. وكذلك فعل والي دمشق، لا بل بذل وسعه للحد من المشروع الصهيوني، فأشرف على عمليات المسح والتسجيل التي بدأت في سنة1869 ، وعلى إعمار المواقع والأراضي الآيلة للخراب، كي لا تكون هدفاً للشركات والمؤسسات الصهيونية وأخذها ذريعة لإعمارها، كما كان على اتصال دائم بالألوية الفلسطينية وبالعاصمة العثمانية عبر شبكة التلغراف، لمتابعة كل ما يستجدّ. أمّا بعض ولاة بيروت فساندوا المشروع الصهيوني، مثل راشد باشا الذي تواطأ مع آل سرسق والتويني والتيّان لشراء أراضٍ في عكا ونابلس، ثم نقلها إلى ملكية الحركة الصهيونية في صفقات متفرقة، وكانت أراضي قرية الفولة الواقعة وسط مرج ابن عامر فاتحة استهداف أخصب سهول فلسطين الداخلية. وتشير الباحثة إلى أن حكام المقاطعات، في معظمهم، كانوا من غير الفلسطينيين، وكان يجري تغييرهم باستمرار تحسباً لإقامتهم علاقات وثيقة مع السكان المحليين، وأغلبيتهم نفذت أوامر الدولة. فرؤوف بك، متصرف القدس ) 1876 1899 (، ذو الأصول البوسنية، وقف بوجه المهاجرين اليهود المخالفين لشروط الإقامة، وأبطل عقود شراء الأراضي الخاصة بهم، وشجّع السكان على الصمود ومقاومة إغراء المال. كما وقف قائمقام طبرية الأمير أمين أرسلان إلى جانب أهالي قرية لوبيا وبدو الدلاقة والزبيد في معركتهم ضد الحركة الصهيونية، ورفض شكري العسلي، قائمقام الناصرة، في سنة 1910 ، المصادقة على صفقة بيع أراضي قرية الفولة البالغة 9000 دونم، والتي كان قد أبرمها الياس سرسق مع جوش هانكين، مندوب الشركة الصهيونية “تطوير أراضي فلسطين”، بخلاف رغبة والي بيروت، راشد باشا، الذي أيّد الصفقة، فتمّت لاحقاً في بيروت بعد مغادرة العسلي منصبه وانتخابه نائباً عن دمشق في مجلس المبعوثان. ومن الأماكن المهمة التيكانت مسرحاً للمواجهة بين الحكومات المحلية في طبرية وجنين والحركة الصهيونية “جسر الجامع” القائم إلى الجنوب من بحيرة طبرية، فقد عمدت تلك الحكومات إلى إقامة قلعة عسكرية لمنع بيع الأراضي، إذ يحظر، عملاً بقانون تملّك الأجانب، إقامة أي مشاريع أجنبية بالقرب من قلاع الجيش. بيد أن هذه المواقف الحازمة سرعان ما تبدلت ما إن أطيح بالسلطان عبد الحميد الثاني ) 1909 (، وتسلّم “الاتحاد والترقي” مقاليد الحكم. وقد أشارت الصحافة المقدسية في سنة1912 إلى أعمال جودت باشا، متصرف القدس، التي سهّلت شراء الأراضي، ونددت كذلك بانحياز متصرف لواء القدس الجديد، مهدي بك، إلى الحركة الصهيونية. وانعكس تراخي حكومة “الاتحاد والترقي” مع الحركة الصهيونية على أداء الموظفين العاملين في الدوائر الحكومية، ولا سيما دوائر الطابو. غير أن الحرب الكونية الأولى ) 1914 ( حملت تبدلاً في الموقف العثماني، إذ أغلق جمال باشا، القائد العام للجيش الرابع، المكاتب القنصلية الراعية للمصالح الأجنبية والمشروع الصهيوني، باستثناء الألمانية والنمساوية، ووضع المستوطنين بين خيار الرحيل عن المقاطعات الفلسطينية، أو أخذ الجنسية العثمانية واتباع الأوامر العسكرية القاضية بإخلاء المواقع الساحلية والتوجه نحو الداخل، وبنتيجة ذلك قلّص عدد المستوطنين اليهود. موقف العلماء: تناولت الباحثة في الفصل الثالث “موقف العلماء من المشروع الصهيوني”، وهم تلك الفئة القليلة من علماء الشريعة صاحبة التأثير المعنوي في الناس من خلال الخطب والتصريحات والجهر بالرأي، ورفع العرائض وقيادة الاحتجاج والمواجهات ضد المشروع الصهيوني والاعتراض على عمليات بيع الأراضي والسعي لإفشالها في دوائر الطابو. وانضم إلى ركبهم لاحقاً مجموعة من المثقفين الحديثين المتخصصين بالطب والهندسة والرياضيات والإدارة والمحاماة والأدب والزراعة، وهؤلاء شغلوا مراكز حساسة في الإدارة العامة والخاصة مثل القائمقاميات والبلديات والطابو والمدارس والمحاكم والقنصليات والصحف والمستشفيات والوكالات التجارية والشرطة والجيش. وقد تتبعت الوعري مواقفهم وأنشطتهم وأوردت أبرز وجوهم مثل: أحمد سامح راغب الخالدي ) 1895 -1951 (، متخرج من كلية الصيدلة في الجامعة الأميركية في سنة 1917 ، وخدم في الجيش العثماني، وعمل في حقل الصيدلة والتعليم. شكّل جمعية في سنة 1913 ضمت أربعين طالباً فلسطينياً بهدف الدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية؛ أحمد عارف الحسيني ) 1873 1917 ) من مواليد غزة، خطيب وإمام، كان عضواً وممثلاً لمتصرفية القدس في مجلس المبعوثان. ندد في خطبه ومقالاته بالمشروع الصهيوني، ونبّه الى أخطاره على الدولة العثمانية؛ أسعد الشقيري ) 1860 1940 ( من مواليد عكا، مجاز من لأزهر الشريف، ووثيق الصلة بالسلطنة، ولذا عُين مفتياً للجيش العثماني الرابع في سنة 1914 . كان مناوئاً للحركة الوطنية، ويتهمه بعض الروايات بالتواطؤ كتب بالعربية قراءات 191 مع الحركة الصهيونية؛ إيليا زكات )توفي في سنة 1926 ( الذي عمل في الطباعة وأصدر جريدة “النفير العثماني” التي فتحت صفحاتها لمقالات مأجورة تؤيد الاستيطان؛ حنا عبد الله العيسى (توفي في سنة1909 ) ، وهو من روّاد الحركة الثقافية الفلسطينية في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. أصدر مجلة أدبية تناولت القضايا السياسية، فهاجم المشروع الصهيوني والتسهيلات التي قدمتها الحكومة العثمانية للاستيلاء على الأراضي العربية؛ راغب الخالدي ) 1866 1952 (، مؤسس المكتبة الخالدية؛ روحي الخالدي ) 1864 1913 ( الدارس في السوربون، والذي عُين قنصلاً عاماً للدولة العثمانية في مدينة بوردو الفرنسية. حذّر في كتاباته من الهجرة والاستيطان الصهيونيين؛ سعيد جارالله، ناشر صحيفة “المنادي” التي جعلت هدفها فضح المشروع الصهيوني وأعوانه من سماسرة ومتعاونين؛ سليمان التاجي الفاروقي ) 1882 1958 (، الأزهري والحقوقي والخطيب، صاحب المواقف الجريئة ضد خطر الصهيونية؛ طاهر مصطفى الحسيني ( 1842 1908 )المقدسي، والمفتي الذي حذّر من نشاط الحركة الصهيونية في بيت المقدس، ولا سيما شراء الأراضي؛ عبد الله محمد عبد الله مخلص (1878 1947 ) تولى منصب مدير الأوقاف العامة في القدس بتكليف من الحاج أمين الحسيني نظراً إلى مواقفه المتشددة ضد المشروع الصهيوني. وإلى جانب هؤلاء تذكر الوعري أسماء وسِيَر كل من: علي النشاشيبي (1883 1916 ) من أنصار النزعة العربية؛ فريد محمد إبراهيم العنبتاوي ( 1865- 1960 ) عيسى العيسى، مؤسس جريدة “فلسطين” في يافا ) 1910 (، والتي كرست صفحاتها للتنديد بالاستيطان وعمليات البيع؛ كامل طاهر الحسيني )توفي في سنة 1921 ( رجل الدين والمفتي، ويؤخذ عليه “مواقفه السياسية المعتدلة” من المخطط الصهيوني؛ محمد إسعاف النشاشيبي، من مواليد سنة 1885 في القدس، عمل في سلك التدريس ولُقّب ب “خطيب فلسطين”؛ محمد الشنطي )أُعدم في سنة 1916 على يد جمال باشا( صحافي تولى تحرير جريدة “الإقدام” الأسبوعية في القاهرة؛ محمد موسى المغربي )توفي في سنة 1915 (، محرر صحيفة “المنادي” الذي هاجم في مقالاته الحكومة العثمانية والسماسرة والمتعاونين مع الصهيونيين؛ نجيب نصار ) 1865 1948 (، ذو الأصول اللبنانية، أسس في حيفا صحيفة “الكرمل” ) 1908 ( منبراً لفضح الصهيونيين وأساليبهم في شراء الأراضي؛ نظيف الخالدي )توفي في سنة1916 (، المهندس الذي حاول وفشل في أن يقرّب بين زعماء الحركة الصهيونية وبعض الشخصيات الوطنية الفلسطينية؛ يوسف ضياء الدين محمد علي الخالدي ) 1842 1906 (، المقدسي والمثقف المُدرك لأبعاد المشروع الاستيطاني. موقف الأعيان: يفحص الفصل الرابع “موقف الأعيان من المشروع الصهيوني”، والمقصود بهم الشيوخ والزعامات المتنفذة ووجهاء العشائر والقبائل والحمايل والعائلات في المواقع البدوية والريفية والمدنية، في فترة شهدت فلسطين فيها تطورات إقتصادية واجتماعية بفعل حل نظام الإقطاع في سنة 1893 ، وتغلغل رأس المال وارتباط السوق المحلية بالعالمية وظهور فئة رأسمالية جديدة امتلكت مع الأعيان القدماء موارد إقتصادية مهمة منها الأرض الزراعية الخصبة. وقد عملوا في الصناعة والتجارة وتطوير قطاع الخدمات، وعلى هذا النحو تحكموا في مفاصل الاقتصاد المحلي. وتُدرِج الباحثة جدولاً يُظهر حجم مُلكيات الأعيان في المقاطعات الفلسطينية الثلاث: عكا ونابلس والقدس، وهم ينتمون إلى عائلات: آل الشكعة والنشاشيبي والحسيني واللحام والفرّا والبيطار والسعيد والأحمد والعبوشي والعلمي وأبو غوش، إلخ. ولتأثيرهم الكبير في الحياة العامة، أشارت المكاتبات الرسمية إليهم بصفتهم الأكابر والوجهاء والمتكلمين والمعتبرين والمشايخ وأهل الرأي وأصحاب الحل والعقد والزعماء والرؤساء والذوات والوجوه، ويشار إليهم في السجلات بتعبير “أصحاب الدراية”. وفي الواقع، لم يكن لهذه الفئة الاجتماعية ذات التكوين الطبقي الرأسمالي موقف موحد وحاسم، ولذا، تجتهد الوعري في تمييز مواقفهم بحسب التراجم المتداولة. فتقدم بعض النماذج مثل: أحمد آغا فضل الدين الدزدار )توفي في سنة1872 (، المتحدر من أسرة العسلي المقدسية الشهيرة، ورث ثروة طائلة وتقلّب في مناصب مدنية وعسكرية كثيرة. باع في سنة 1854 بستانه للثري اليهودي موسى منتفيوري؛ إسماعيل طاهر الحسيني ) 1860 194 (، من مواليد القدس،التحق بالسلك الوظيفي وتبنّى فكرة التفاهم مع الحركة الصهيونية؛ حافظ بك السعيد ) 1843 1916 (، من مواليد يافا، عمل في خدمة الدولة العثمانية وتنبّه لخطورة المشروع الصهيوني، فطالب في سنة1909 بإغلاق ميناء يافا أمام الهجرة؛ خليل أفندي بسيسو ( 1860 1939 ) من غزة، عُدّ أول من أدخل الجرّار )التراكتور( إلى العمل الزراعي في سبيل تدعيم الاقتصاد المحلي في مواجهة المشروع الصهيوني؛ رشيد سليمان النشاشيبي، من أعيان القدس، الذي أظهر موقفاً مهادناً من الحركة الصهيونية؛ سعيد أحمد الحسيني ) 1878 1945 (، المقدسي وواحد ممّن حاربوا الحركة الصهيونية وبيّنوا خطرها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ؛طنوس قعوار( 1819 – 1888 ) من الأثرياء في التجارة، وهو من سهّل في سنة 1870 نقل أراضٍ من مرج ابن عامر إلى آل سرسق الذين باعوها بدورهم إلى الحركة الصهيونية؛ عثمان سليمان النشاشيبي، من مواليد القدس في سنة1912 ، وقد مثّل مدينته في مجلس المبعوثان، وعارض بشدة شراء الأراضي وبناء المستوطنات. وترى الباحثة أن مواقف الأعيان انحصرت في ثلاثة كتب بالعربية قراءات 193 أقسام: الأول، “المعارضة والتصدي” وهو الغالب، وعبّروا من خلاله عن قلقهم في ساحات عملهم: أروقة مجلس المبعوثان ومجالس الإدارة والبلديات والصحف والمؤتمرات، وبذلوا المال للحدّ من تغلغل المشروع الاستيطاني في بلدهم؛ الثاني، موقف “المهادنة والاعتدال”، وتبنّاه قلّة، وقد أخطأوا في ظنهم أن التفاهم مع زعماء الحركة الصهيونية في فلسطين ربما يحدّ من آثار مشروعهم، فأجروا اتصالات ومراسلات ولقاءات، هم ومَن جاراهم من أعضاء حزب اللامركزية العرب مع ممثلي الصهيونية، ووضعوا معهم لهذه الغاية خططاً وبرامج ومقترحات؛ الثالث، موقف “المسايرة والانحياز”، وأربابه السماسرة وتجار الأراضي المنخرطين في ركاب المشروع الاستيطاني بغية الربح المادي، ولا سيّما مع ارتفاع أسعار الأراضي ووجود أزمة مالية شديدة، وفي ظل تواطؤ بعض الموظفين في دوائر الأوقاف والطابو. هذا، وكانت الصحافة الفلسطينية تتابع ما يجري بدقة وتندد بكل عملية بيع وشراء وتفضح القائمين بها. موقف الإقطاعيين يرصد الفصل الخامس: “موقف الإقطاعيين من المشروع الصهيوني”، وهم فئة كبار ملاّك الأراضي المحليين والوافدين على تباين استثماراتهم الاقتصادية وأندراجهم في السوق العالمية. ولهذا الغرض تحصي الباحثة الملكيات وحجمها مع جدول دقيق بها، وأبرزها “الجفتلك العثماني” أي ملكيةالسلطان عبد الحميد الثاني( 1876 -1909 ) التي قاربت نحو 2,500,000 دونم، وتركزت في المناطق الحدودية القريبة من مصادر المياه ومشارف الصحراء، وتُبرَز على أنها “مُلكية دفاعية حتّمتها الأخطار الاستعمارية”، ولا سيما إزاء فلسطين، وقد حاولت الحركة الصهيونية وضع اليد عليها منذ عزل السلطان في سنة 1909 . ثم هناك ملكية اللبنانيين الإخوة سرسق لأكثر من 800,000 دونم من الأراضي الخصبة التي حصلوا على أكثرها من المزادات التي تجريها الدولة بعد عجز الفلاحين عن سداد الضرائب. وأيضاً ملكية آل عبد الهادي، والبالغة نحو500,000 دونم، وتميزت هذه الأسرة بنقل ولائها إلى مَن يملك السلطة حفاظاً على مصالحها، وانخرط أفرادها بعد حركة الإصلاحات والتحديث في السلطنة في سلك الوظائف الحكومية والأهلية. وهناك ملكية آل التيّان المتكونة من تجارة الأرض والسمسرة، وبلغت نحو 100,000 دونم موزعة في عدة أماكن. وفي عودة إلى المواقف نجد السلطان عبد الحميد معارضاً للمشروع الصهيوني وحافظاً للأراضي إلى أن جرى خلعه، وإلحاق ملكية “الجفتلك” بوزارة المالية تحت اسم “الأراضي المدورة”، والتي طرحتها الحكومة العثمانية لاحقاً للبيع لحلّ أزمتها المالية، ونجحت الحركة الصهيونية مع نهاية سنة 1930 في الاستحواذ على 742000دونم منها قدمتها لهم حكومة الانتداب البريطاني في برة قيسارية. أمّا آل سرسق وعبد الهادي والتيّان فسهّلوا للصهيونيين شراء الأراضي والاستيطان، ولم ينجحوا في نقل جميع الملكيات إلاّ بعد سنة 1909 بسبب القوانين السابقة التي وضعتها الدولة العثمانية كانت تفرض الشروط وتضع العراقيل أمام التسجيل فيدفاتر الطابو. في ختام دراستها ترى الوعري أنه على الرغم من تنوع التكوينات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع الفلسطيني، التي حالت دون قيام جبهة قوية في وجه المشروع الاستعماري، فإن هذا الأمر أضفى حيوية على حركةالمعارضة، وساهمت هذه المعارضة القوية في صد الحركة الصهيونية إلى حين عزل السلطان عبد الحميد الثاني وتولّ جمعية “الاتحاد والترقي” السلطة، والتي قدمت التسهيلات للهجرة وشراء الأراضي والاستيطان. وبذل العلماء وسعهم لمقاومة هذا المشروع، بينما انقسم الأعيان بشأنه. أمّا أصحاب الملكيات الكبيرة فانجرّوا وراء الربح المادي وباعوا إقطاعاتهمومعها ضميرهم وشرفهم. عفيف عثمان باحث وكاتب لبناني
Comments