الكاتب: د.نائلة الوعري
بعد احتلال مصر عام 1882 قامت السلطات البريطانية بمسح وادي عربة وحرصت على ترسيم الحدود بين مصر والدولة العثمانية في جنوب فلسطين عام 1906
وكانت فكرة استخدام اليهود في استعمار فلسطين آخذة في الازدياد بين الساسة البريطانيين والمنظرين اليهود ومع صعود حزب الاحرار وسقوط حزب المحافظين وتولي السيىر هنري كامبل بانرمان Sir H. Campbel Bannerman رئاسة الوزراء جرت مفاوضات بينه وبين الحكومة السابقة من المحافظين أن يترك له الشؤون الداخلية مقابل ان يسمح لهم بادارة الشؤون الخارجية السياسية التي تتبنى التوسع الاستعماري في العالم وانتهت المساعي بتشكيل لجنة من كبار المتخصصين والعلماء في كافة المجالات وعقدت اجتماع في لندن عام 1907 وهذا ما ذكر في التاريخ انها" وثيقة كامبل بانرمان"وكان من أهم ما جاء في التقرير التوصية على فصل الجزء الافريقي عن جزئها الاسيوي واقترح إقامة حاجز بشري قوي وغريب على الجسر البري الذي يربط أسيا بافريقيا ويربطهما معاً بالبحر الابيض المتوسط بحيث يشكل في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار وعدوة لسكان المنطقة وهذه اشارة لمشروعهم توطين اليهود في فلسطين هذه التوصيات بقية كامنة في ادراج المخططين من 1907 حتى العام 1914لسبب او لاخر . في عام 1915 طرح المسئول اليهودي البريطاني هربرت صمويل فكرة إعادة اليهود الى فلسطين وفي ذلك الوقت ظفر الضغط الصهيوني على بريطانيا والمدعم بتايد لويد جورج في حصول اليهود على وعد بشكل تصريح مقدم من بلفور عام 1917 . وتؤكد الوثائق البريطانية في مذكرة مؤرخة في 9 ديسمبر 1918 من تشرشل يقول فيها "إن إنشاء دولة يهودية حاجزة في فلسطين" أمر مرغوب فيه بالنسبة لبريطانيا العظمى من وجهة النظر الاستراتيجية . بقي الان إكمال عملية التنظير وجذب اليهود وتشجيع الهجرة علنياً وبحماية بريطانية . هنا اخذت الهجرة اليهودية منحنى جديدا مع احتلال بريطانيا لفلسطين وتبنيها سياسة دعم الاستيطان وسن قانون الهجرة عام 1921 وعدل عليه عام 1925
ليعطي المزيد من الحرية لليهود ويحدد فئات المهاجرين المرغوب في جلبهم وترك الباب مفتوح على مصراعيه للمهاجرين اليهود الامر الذي سمح بدخول 82 الف مهاجر يهودي للبلاد . وبين العام 1932-1938ارتفعت اعداد المهاجرين الى 217 الف مهاجر وهي اكبر موجة هجرة يهودية الى فلسطين نجم عنها ضغوط على كافة مرافق الحياة في فلسطين ديمغرافيا واقتصايا وسياسياً وصودرت الاراضي وطرد السكان من بيوتهم وقراهم واعملت اليد في ضرب وقتل وتهجير من يعترض على سياستهم
وتصدت بريطانيا جنبا الى جنب قوات الهاجناة التي تدربت على يد الجيش البريطاني وكانت نواة جيش الدفاع الاسرائيلي لكل حركات وهبات الشعب الفلسطيني المنتفض ضد الوجود الصهيوني من هبة البراق لانتفاضات المدن الفلسطينية ، 1921-1929 حتى ثورة فلسطين الكبرى ما بين 1936-1939 والتي كانت الاطول عمرا قياسا بالثورات السابقة والانتفاضات التي سبقتها .ومرت الثورة هذه بمراحل من أهمها الاضراب الكبير الذي استمر لمدة 6 شهور
واستمرت هجرة اليهود الى فلسطين خلال الانتداب البريطاني سراً وعلانية وحتى 1948 كان عدد اليهود المتواجدين في فلسطين 650 الف يهودي مقارنة ب 56 ألف في العام 1918بزيادة قدرها اكثر من 110% . كل ذلك شكل ارضية للحركة الصهونية لتاسيس استيطان مهاجر ومن ثم محتل بمعرفة ودعم وتشجيع الدول الاوروبية وعلى رأسها بريطانيا العظمى في ذلك الوقت ...
-----------------------------------------
د.نائلة الوعري
باحثة ومؤرخة تاريخ فلسطين الحديث والمعاصر
Comments