top of page

75 عام على النكبة خطط ومؤامرات بريطانيا ورجالاتها في تمكين الصهاينة من أرض فلسطين

تاريخ التحديث: ١٥ نوفمبر

د. نائلة الوعري


بعد احتلال مصر عام 1882 قامت السلطات البريطانية بمسح وادي عربة وحرصت على ترسيم الحدود بين مصر والدولة العثمانية في جنوب فلسطين عام 1906.

وكانت فكرة استخدام اليهود في استعمار فلسطين آخذة في الازدياد بين الساسة البريطانيين والمنظرين اليهود ومع صعود حزب الاحرار وسقوط حزب المحافظين وتولي السيىر هنري كامبل بانرمان Sir H. Campbel Bannerman  رئاسة الوزراء جرت مفاوضات بينه وبين الحكومة السابقة من المحافظين أن يترك له الشؤون الداخلية مقابل ان يسمح لهم بادارة الشؤون الخارجية السياسية التي تتبنى التوسع الاستعماري في العالم وانتهت المساعي بتشكيل لجنة من كبار المتخصصين والعلماء في كافة المجالات وعقدت اجتماع في لندن عام 1907 وهذا ما ذكر في التاريخ انها” وثيقة كامبل بانرمان”وكان من أهم ما جاء في التقرير التوصية على فصل الجزء الافريقي عن جزئها الاسيوي واقترح إقامة حاجز بشري قوي وغريب على الجسر البري الذي يربط أسيا بافريقيا  ويربطهما معاً بالبحر الابيض المتوسط بحيث يشكل في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار وعدوة لسكان المنطقة  وهذه اشارة لمشروعهم توطين اليهود في فلسطين هذه التوصيات بقية كامنة في ادراج المخططين من 1907 حتى العام 1914لسبب او لاخر . في عام 1915 طرح المسئول اليهودي البريطاني هربرت صمويل فكرة إعادة اليهود الى فلسطين وفي ذلك الوقت ظفر الضغط الصهيوني على بريطانيا والمدعم بتايد لويد جورج في حصول اليهود على وعد بشكل تصريح مقدم من بلفور عام 1917 . وتؤكد الوثائق البريطانية في مذكرة مؤرخة في 9 ديسمبر 1918 من  تشرشل يقول فيها “إن إنشاء دولة يهودية حاجزة في فلسطين”  أمر مرغوب فيه بالنسبة لبريطانيا العظمى من وجهة النظر الاستراتيجية  . فقد ارادت  بريطانيا بسط نفوذها من خلال تكوين مستعمرة لها يمكن أن تحقّق – إلى جانب التخلّص من مشكلة اليهود في بريطانيا وتحويل الهجرة اليهودية من شرق أوروبا إلى فلسطين بدلاً عن غرب أوروبا وخاصة بريطانيا – ضمان وجود حاجز بشري يحول دون قيام دولة عربية موحّدة في المنطقة، كما ساهم شقّ قناة السويس ثم احتلال بريطانيا لمصر في النصف الثاني من القرن الـ 19 في تعميق التفكير الاستراتيجي للساسة الإنكليز بالنسبة لأهمية فلسطين وضرورة السيطرة عليها، ما زاد الحماس لفكرة إقامة مستعمرة يهودية في فلسطين.

في سبيل تحقيق هدفها قامت بريطانيا ببحث الكثير من الأفكار والخطط الرامية إلى توطين اليهود في فلسطين، حتى قبل أكثر من قرن من الزمان على قيام  الحركة الصهيونية، بل يمكن اعتبار بريطانيا المُلهِم والداعِم لتبلور هذه الحركة، ويبدو ذلك جليّاً من استعراض بعض ما قامت به بريطانيا في هذا الشأن. وقد كانت قد تشكلت السياسة البريطانية من قبل من خلال رؤيتين : دينية وسياسية استعمارية.

ad

الرؤية الدينية : كان يمثلها اللورد شافتسبري وهو ابو عقيدة اعادة  اليهود الى فلسطين  The restoration of Jews وقيل  عن بارلمستون ايضا  الذي كان وزير خارجية بريطانيا ومن ثم رئيس وزرائها  والذي يمثل السياسة الاستعمارية  البريطانية انه “ابو الاستعمار” بالمرستون هذا الذي عرف عنه انه كان في معظم تصريحاته واتصلاته يبدي تعاطفه القوي مع اليهود كان قد كتب رسالة في  17 تشرين الثاني 1837 الى بونسنبي Mr Ponsonby السفير البريطاني في اسطنبول  وضح له اهمية  أن يكون لبريطانيا قنصلية معتمدة في القدس ترعى مصالح بريطانيا السياسية وتحمي اليهود  وان يعين لها قنصل بريطاني وقد عين بالمرستون ويليام يونج (Mr .w.Young  ) نائب قنصل في القنصلية البريطانية والذي اصبح فيما بعد عندما افتتحت القنصلية في القدس عام 1838 قنصلاً عاماً  , ففي  نهاية عام 1838 كتب شافتسبري وهو مصلح اجتماعي ومفكر انجليزي كان رئيس حزب الانجليين وكان اليهود احد الموضوعات الاساسية في فكرة وكان يعتقد بعودة اليهود الى ارض المعياد المذكورة في التوراة  ، كتب الى بالمرستون كتب مذكرة من 40 صفحة مستند بها الى حقائق دينية توراتية بوجوب اعادة اليهود الى فلسطين وتحدث باسهاب عن سوريا الكبرى وقال عنها ( انها بلد بلا شعب في حاجة الى شعب بلا بلد )ومن هنا صاغت الحركة الصهيونية شعارها الشهير الكاذب ارض بلا شعب لشعب بلا ارض    عرض اللورد شافتسبري في مشروعة  مشروعا للحكومة البريطانية  ان تتبنى الحكومة عملية تنظيم هجرة اليهود ونقلهم الى فلسطين  والدعوة لإقامة  كومنولث يهودي في اي بقعة من الارض كانت تشغلها الدولة العبرية القديمة في فلسطين  قد عزز تنظير شافتسبري ان حافز بريطانيا لاحتلال فلسطين  كان كبيرا ومبني على مصالح سياسية  واقتصادية وكانت الفكرة جاهزة وبحاجة للتنفيذ.

وقد رافق هذا  الحماس والنشاط حملة صحفية بريطانية هدفت الى الترويج ل ( اماني اليهود في اقامة وطن لهم في فلسطين بدعم وتشجيع من بريطانيا ) حيث بدأت سياسة التنظير والحشد لحملة صليبية سلمية للسيطرة على فلسطين بالمشاريع الاقتصادية وشراء الاراضي والعمل الاجتماعي والتبشير لا بقعقعة السلاح كما حصل في العصور الوسطى وتبنت فكرة اعادة اليهود الى الارض الموعودة لهم في التوراة تحت عنوان “هللي يا بريطانيا ” ان القدر اختارك لاعادة اليهود المهملين والفقراء في الشتات الى ديارهم.

وسار على هذا الخط المنظرون الالمان والفرنسيون والروس وطرح لورنس اوليفانت الانجليزي  في عام 1880 مشروع توطين اليهود بجنوب سوريا كان أوليفانت يرى ضرورة إنقاذ الدولة العثمانية من مشاكلها المستعصية حتى تقف حاجزاً ضد التوسع الروسي. ويمكن أن يتم ذلك عن طريق إدخال عنصر اقتصادي نشيط في جسدها المتهاوي ووجد أن اليهود هم هذا العنصر. ولذلك، دعا أوليفانت بريطانيا إلى تأييد مشروع توطين اليهود لا في فلسطين وحسب وإنما في الضفة الشرقية لنهر الأردن كذلك.  وانشاء خط حديد يربطها مع حيفا ودمشق ومصر  وسماه (ارض جلعاد مع نزهات في جبل لبنان) وحظي هذا المشروع بموافقة وزير خارجية بريطانيا انذاك اللورد سولزبري ورئيس الوزراء البريطاني اليهودي دزرائيلي وتبناه رجل المال والاعمال اليهودي ادموند روتشيلد الذي تعاون مع جمعية احباء صهيون على تنفيذ الاستيطان اليهودي في الجولان في العام 1915 قدم يهودي اخر بريطاني يدعى هربرت صمويل وهذا الرجل اصبح بعد ذلك أول مندوب سامي بريطاني في فلسطين عام 1920  بعث الى الحكومة البريطانية يطالب بها اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين بعدد هزيمة الدولة العثمانية  وانه المجال بدا سهلا امامهم لتهجير اليهود الى فلسطين ولكن لم تكن الطبخة جاهزة في ذلك  الحين  حتى العام 1917.

تابعت الحكومة البريطانية ووزرائها وقناصلهم تنفيذ اطماعهم الاستعمارية تحت ذريعة إنقاذ فلسطين مما تعاني منه من خراب وعزله وتخلف (وانها بريطانيا تنوي احلال شعب قادر على الاصلاح والعطاء وقادر كذلك على ان يجعل منها جنات عدن ) . هذا التاسيس الخبيث والافكار المطروحة هي التي اسست  ماجاء في تصريح بلفور “الذي اعطى ما لا يملك الى من لا يستحق ” وان الشعب الفلسطيني هو مجرد طائفة  لها حقوق مدنية ودينية ولا يملك الارض مع ان الشعب الفلسطيني كان يمثل 98% من نسبة السكان.

على أرضية هذه الحقائق التاريخية والادوار القذرة التي لعبتها بريطانيا ورجالاتها منذ بداية القرن التاسع عشر لحماية اليهود وتشجيعهم على الهجرة الى فلسطين ، بنَى اليهود وبالذات قادة الحركة الصهيونية التي وجدت مناخا مناسباً لاطماعها في ايجاد وطن بديل للشتات اليهودي على مبدأ أن انقاذ اليهود انسانياً ودينياً وسياسياً شكل حافز قوي لقوى الاستعمار الاوربي للدفع بمشروع وطن قومي لليهود وتمكينهم من فلسطين  كنُت اسمي هذه الخطوة عن دورالمؤامرات قبل وعد بلفور مرحلة  ” التنظير” اولاً ثم بدأ  “الحشد “بالتشجيع على هجرة اليهود التي بدأـ عام 1882 الى العام 1892 الهجرة الاولى وتبتها هجرات اخرى  . ومع بداية القرن العشرين بدأ التخطيط العملي والاعداد الجدي لمنح فلسطين لليهود الصهاينة.

هذا التاسيس الخبيث والافكار المطروحة هي التي اسست  ماجاء في تصريح بلفور بتاريخ   2 نوفمبر 1917 “الذي اعطى ما لا يملك الى من لا يستحق ” وان الشعب الفلسطيني هو مجرد طائفة  لها حقوق مدنية ودينية ولا يملك الارض مع ان الشعب الفلسطيني كان يمثل 98% من نسبة السكان ومثلت الكلمات الاولى في نص الوعد اول تعبيىر عن دعم قوة سياسية (بريطانيا) لانشاء وطن قومي لليهود على ارض فلسطين التاريخية.

كاتبة مقدسية


Comments


bottom of page